responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 121
.. وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (53) فَغَشَّاها ما غَشَّى (54) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (55) هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى (56) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ (58) أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62) [النجم] .
كانت روعة الحقّ قد صدعت العناد في نفوس المستكبرين والمستهزئين، فما تمالكوا أن يخرّوا لله ساجدين، مع غيرهم من المسلمين.
فلما نكسوا على رؤوسهم، وأحسوا أنّ جلال الإيمان لوى زمامهم، ندموا على ما كان منهم، وأحبّوا أن يعتذروا عنه، بأنهم ما سجدوا مع محمد صلى الله عليه وسلم إلا لأن محمدا صلى الله عليه وسلم عطف على أصنامهم بكلمة تقدير [1] ! (كذا) ، وليس يستغرب هذا من قوم كانوا يؤلّفون النكت للضحك من المسلمين، ولا يستحيي أحدهم- وهو ابن خال النبي عليه الصلاة والسلام- أن يقول له ساخرا: أما كلّمت اليوم من السماء يا محمد؟!.
وليس أسمج من اعتذار المشركين عن سجودهم إلا تصديق هذا الاعتذار، وقد حاول المشركون أن ينشروا فريتهم هذه ليعكروا على الرسول عليه الصلاة والسلام، ويشوّشوا على الوحي، وليوهموا بأن محمدا صلى الله عليه وسلم في بعض أحيانه مال إليهم، وهيهات، فإن الحرب التي شنّها محمد صلى الله عليه وسلم على الوثنية لم تزدها الليالي إلا ضراما، ولم تزده من عبيدها إلا خصاما.

[الهجرة الثانية إلى الحبشة] :
عاد من هاجر إلى الحبشة ليباغت بأن الاضطهاد الواقع على الإسلام أحدّ وأشدّ، فدخل بعضهم مكة مستجيرا بمن يعرف من كبرائها، وتوارى الاخرون، لكن قريشا أبت إلا أن تنكّل بالقادمين، وأن تغري سائر القبائل بمضاعفة الأذى للمسلمين، فلم ير الرسول صلى الله عليه وسلم بدّا من أن يشير على أصحابه بالهجرة مرة أخرى

[1] أين الدليل النقلي على هذا الاعتذار، وأنّ المشركين هم الذين اختلفوا فريتهم هذه وحاولوا نشرها؟ مثل هذه الأمور لا بدّ لها من دليل منقول، وما المانع أن تكون هذه الفرية حدثت من بعد؟! وهذا هو الأقرب، فإنها- أعني هذه الفرية- لم ترو بسند معتبر عن صحابي، بل كل طرقها مرسلة لا يدرى من الذي حدّث بها ممن يمكن أن يدرك عصر النبوة والرسالة، وقد فصّلت القول في بطلان هذه القصة من الوجهة الحديثية في كتابي (نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق) .
اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست